أبغض الرعية هذا الحاكم المجنون جراء سلوكه وتخبطه وتعذيبه لهم ، فكتبوا له الأوراق بالشتم له ولأسلافه في صورة قصص حتى عملوا صورة امرأة وفي يدها قصة فيها من الشتم شيء كثير، فلما رآها ظنها امرأة، فذهب من ناحيتها وأخذ القصة من يدها، فلما رأى ما فيها غضب، وأمر بقتلها، فلما تحققها من ورق، ازداد غضباً إلى غضبه، وأمر العبيد من السود أن يحرقوا مصر، وينهبوا ما فيها من الأموال والحريم، ففعلوا، وقاتلهم أهل مصر قتالاً عظيماً ثلاثة أيام، والنار تعمل في الدور والحريم، واجتمع الناس في الجوامع، ورفعوا المصاحف، وجأروا إلى الله واستغاثوا به، وما انجلى الحال حتى اخترق من مصر نحو ثلثها، ونهب نحو نصفها، وسبي حريم كثير، وفعل بهن الفواحش، واشترى الرجال من سبي لهم من النساء والحريم من أيدي العبيد .
واشتهر الحاكم باستسهاله سفك الدماء، وقدر بعض المؤرخين عدد قتلاه بحوالي ثمانية عشر ألف قتيل.
تمادى الحاكم في طريق الضلال، ففي سنة 408هـ دعا الناس إلى القول بإلوهية الحاكم، فأنكر الناس عليه ذلك.
قال ابن الجوزي: (زاد ظلم الحاكم، وعن له أن يدعي الربوبية، فصار قوم من الجهال إذا رأوه يقولون: يا واحد، يا أحد، يا محيي يا مميت) !
نهايته :
تعدى شر هذا الحاكم وجنونه الناس كلها، حتى وصل لأهل بيته وأخته «ست الملك» تحديدًا حيث اتهمها بالفاحشة وهددها بالقتل، فدبرت قتله مع أحد الأمراء واتفقا على الفتك به أثناء خروجه ليلاً ، فكلف الأمير اثنين من عبيده أن يترصدا للحاكم أثناء خروجه لرؤية منازل القمر والأبراج، حيث كان الحاكم شغوفًا بالنظر في النجوم، وبالفعل قام العبدان بذبح الحاكم ، ولاقى الكافر الزنديق جزاء كفره وضلاله، وظل الناس يبحثون عنه عدة أيام ثم أعلنوا موته بعدها، وفرح الناس بموته فرحًا شديدًا.
اختلف الناس في قصة موته واختفاءه ، وأياً كان فقد كان اختفاء الحاكم بهذه الطريقة الغريبة فرصة لإذكاء دعوى مؤسسي المعتقد الدرزي بأن الحاكم اختفى، وسيعود مرة أخرى، ويملك الأرض، وينشر العدل باعتباره المهدي المنتظر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق