الأحد، 23 أغسطس 2015

عرب الساحل الشرقي


عرب الساحل الشرقي أو مايسمى بعرب الجزر أو عرب الساحل الإيراني يشير إلى القبائل العربية التي تعيش في منطقة الساحل الشرقي للخليج في إيران .

من المؤكد أن الكثير من العرب لا يعرفون حتى اليوم أن الجانب الشرقي من الخليج العربي الذي كان يعرف بـ (بر فارس) ، كان موطنا للقبائل والعائلات العربية والتي كان لها فيه وجود كبير ومؤن ومراكز للعلم والتجارة.

وكان يحكمه حكام عرب، ولم يكن فيه أي وجود فارسي، وأن هذه القبائل العربية التي استوطنت هذه البقاع مئات السنين إنما هي قبائل عربية جاءت من الجزيرة العربية، في وقت لم تكن فيه الدولة الإسلامية خاضعة للتقسيمات الجغرافية الاستعمارية.

لقد عرف العرب الذين سكنوا وعاشوا في الجانب الفارسي من الخليج بـ ( عرب الهولة ) الذين يتكونون من قبائل عريقة منذ مئات السنين وحتى اليوم، رغم تصفية الحكم العربي بعد ظهور الدولة القاجارية التي عملت بالتواطؤ مع القوى الاستعمارية على طرد العرب من الجانب الإيراني من الخليج العربي، وتدمير مدنهم وموانئهم وتجهيرهم إلى دول الخليج المختلفة، بحكم التناقض القومي بين العرب و الفرس، وبحكم التناقض المذهبي.

وقد عاشت القبائل العربية المهاجرة إلى الساحل الإيراني في عزلة عن بقية سكان إيران ، ولم يكن هذا لأسباب جغرافية فحسب، بل لأسباب دينية أيضاً إذ يعتنق عرب الساحل الإيراني المذهب السني، بينما يعتنق سكان إيران بصفة عامة المذهب الشيعي الأثنى عشري.

تاريخ مهنة طبيب الأسنان


لم يأتِ الخوف من طبيب الأسنان من فراغ، فما ترسب في ذاكرة العوام من طرق مؤلمة وبشعة لخلع الأسنان كفيل بأن يصور هذه المهنة كالشبح مهما تطورت وسائل العلاج.

ويكفي أن ترى الأداة القديمة التي كان يتم بها خلع الأسنان كي يرتجف قلبك من هول الصدمة ، ناهيك عن الألم الذي يصاحب هذه العملية التي تجرى بدون مخدر، وهذه الأداة تسمى "الكَلّاب"!

فعندما يأتي المريض يمسك المعالج هذا الأداة ومن ثم يُدخالها في فم من يؤلمه سنه، ثم يمسك بالسن المصاب ثم يحركه بقوة يمنة ويسرة مع محاولة سحبه بالقوة، ولا تسأل عن حال المريض الذي يتلوى من شدة ألم الخلع، وبعد محاولات عديدة يفلح المعالج في خلع السن، وربما يقع على قفاه من شدة السحب، ليفور الدم في الفم، حيث يُسرع المعالج بحشو مكان السن بالملح في محاولة في وقف النزيف.

وبعد كل هذا الألم تجد من خُلع سنه يدفع بسخاء لمن عمل بهذه المهمة وأراحه من هذا الألم، ولا ينجو من خلع سنه من التهكم والسخرية من الآخرين إذ قد يطلقون عليه وصفاً يلازمه طيلة حياته.

يحيى الواسطي


يحيى بن محمود الواسطي هوَ رسّام وخطّاط عَربي وُلِد في بلدة واسط في جنوب العراق بداية القرن الثالث عشر الميلادي .

اختطّ نسخه عام 1237 م ، من مقامات الحريري وزينها بمائة منمنمة من رسومه تعبر عن الخمسين مقامة (قصة). وكان عمله هذا أول عمل في التصوير العربي نعرف اسم مبدعه.  يعتبر الواسطي مؤسس مدرسة بغداد للـ منمنمات ويبرز كأستاذ فن شخصي بدلاً من أن يخضع إلى القواعد والاصول الفنية التقليدية.

وكان مثقف واسع الاطلاع وترجم الصور الذهنية إلى واقع ، عاصر جيلا من مفكري بلاد الرافدين أمثال المؤرخ ابن الاثير والعالم ابن الرزار الجزري , والجغرافي ياقوت الحموي ، وغيرهم .. أقام معارض في مكتبات #المدرسة_المستنصرية ببغداد وأقتنيت له أعمال فنية (مخطوطات) في الأندلس والمغرب العربي خصوصا من قبل ملوك الموحدين في مراكش.

وكان الواسطي يستعمل الحبر الأسود ويخلطه ببقايا حرق ألياف الكافور ويمزجها بزيت الخردل وبعض الألوان الأخرى التي كان يقوم بتحضيرها بنفسه.
ويعتبر الواسطي من أوائل فناني مدرسة بغداد للتصوير.

وللأسف فإن أعماله الرائعة موجودة في روسيا و باريس الآن .

الصورة في الأعلى هي رسمة للواسطي مرافقة للمقامة الدمشقية من مقامات الحريري .

معركة اليرموك

حينما حشدت الروم جيشًا جرارًا لتقضي على دولة الإسلام قال الصدّيق رضي الله عنه: عَجَزت النساء أن يلدن مثل خالد ،والله لأُذهِبنّ وساوس الروم بخالد بن الوليد.

قبيل بدء المعركة قام ماهان قائد جيش الروم يُحقّر من شأن خالد وجيوشه فقال :

"لقد علمنا أنه لم يخرجكم من بلادكم إلا الجهد والجوع ،فإن شئتم أعطيت كل واحد منكم عشرة دنانير وكسوة وطعامًا وترجعون إلى بلادكم وفي العام القادم أبعث إليكم بمثلها".

فانتفض خالد رضي الله عنه ونظر إليه نظرةً مُرعبة وقال:"إنه لم يخرجنا من بلادنا الجوع كما ذكرت ،ولكننا قومٌ نشرب الدماء وقد علمنا أن دماءكم أشهى وأطيب الدماء فجئنا لذلك، نحن قوم نحرص على الموت كما تحرصون أنتم على الحياة".

حينها عَلِم قائد الروم أنه لا فرار من مواجهة هذه الوحوش الضارية !

ثم صلى خالد الفجر بجيشه وطفق يستنفرهم ويقول: لا إله إلا الله صدق وعده ونصر عبده وأعزّ جنده وهزم الأحزاب وحده ،فاستبشر الجُند وتحمّسوا.. ثم دارت رحى الحرب الطاحنة تطحن جيوش المُشركين وانطلق خالد بجيشه حتى نادى المُنادِ : الله أكبر ،نصر الله جُنده.

وفرّ قائد الروم هارِبًا إلى حِمص ليخبر إمبراطور الروم بخسارة جيشه الفادحة.

فسأل هرقل عظيم الروم جنوده: من الذين يحاربونكم, أبشرٌ أم شياطين، كيف يهزمونكم وأنتم أكثر منهم في كل موضع وتفوقونهم في العُدّة والعتاد؟؟
فقام أحد قادته وقال: إن الذين يحاربوننا بشر لكنهم ليسوا كالبشر !
فقال :كيف ذلك؟

فقال :"إنهم يقومون الليل ويصومون النهار ،إذا جنّ الليل سمعت لهم دويّا بالقرآن كدويّ النحل, فإذا ما أشرقت الشمس فإنهم أسود فرسان..أما نحن لا نصوم ولا نصلي ..لا يشربون الخمر ونحن نشربها ..لا يأتون الفواحش ونحن نُعاقرها ليل نهار.. وما من واحد منهم إلا ويتمنى أن يموت قبل صاحبه ..يحملون علينا فيصدقون ..ونحن نحمل عليهم فيصبرون..أما نحن إذا حملوا علينا فلا نصدق ولا نصبر". فانتفض هرقل قائلًا: لئن كانوا كما قلت فوالله ليملكون موقع قدميّ هاتين!

ثم هبّ يستنجد بملك الصين يطلب منه المدد والعون.
فردّ عليه ملك الصين قائلًا :لا طاقة لي بقوم لو أرادوا قلع الجبال لاقتلعوها.

وما هي إلا أيام وانتهت إمبراطورية الروم.. وقال هرقل قولته الشهيرة : :”السلام عليك يا سوريا،سلاما لا لقاء بعده،ونعم البلد أنت للعدو وليس للصديق،ولا يدخلك رومي بعد الآن إلا خائفا”.

فصاحة جارية

يُحكى أن رجلاً من فارس يجيد اللغة العربية بطلاقة، حتى أن العرب عندما يكلمهم يسألونه من أي قبائل العرب أنت ؟ فيضحك
و يقول : أنا "فارسي"وأجيد العربية أكثر من العرب، فذات يوم وكعادته وجد مجلس قوم من العرب فجلس عندهم وتكلم معهم :
و سألوه : من أي قبائل العرب أنت ؟!
فضحك و قال : أنا من فارس"وأجيد العربية خيراً منكم .
فقام أحد الجلوس وقال له :
إذهب إلى فلان بن فلان -رجل من الأعراب- وكلّمه، فإن لم يعرف أنك من العجم فقد نجحت وغلبتنا كما زعمت، فذهب الفارسي إلى بيت الأعرابي و طرق الباب، فإذا ابنة الأعرابي وراء الباب
تقول : من بالباب ؟!!
فرد الفارسي : أنا رجل من العرب وأريد أباك
فقالت : "أبي فاء إلى الفيافي فإذا فاء الفي أفى" ، "وتعني بذلك أن أباها ذهب إلى الصحراء فإذا حل الظلام أتى"
فقال لها :إلى أين ذهب ؟!!
فردت عليه : أبي فاء إلى الفَيافي فإذا فاء الفَيْ أفى .
فأخذ الفارسي يراجع الطفلة ويسأل و هي تجيب من وراء الباب حتى سألتها أمها : يا ابنتي من بالباب فردت الطفلة :
أعجمي على الباب يا أمي .

السبت، 22 أغسطس 2015

أسماء الأصوات في اللغة العربية

الأزيز : صوت الرصاص ، والمرجل عند الغليان

الاستهلال : صوت الطفل عند الولادة

الأنين : صوت الناي ، والمتألِّم

الاصطكاك : صوت الأسنان تطرق ببعضها ، وصوت الرُّكَب أيضاً

البَسْبَسَة : صوت زجر الهرّة

التأخيخ : صوت المستطيب : أَخ ، أَخ

البَقْبَقَة : صوت الجرَّة وما شابَهَها في الماء ، وبطن الفرس والحصان

التأوّد : صوت المشتاق

التَّجمجم والتَّغمغم : صوت بكلام غير مسموع

التمتمة : صوت الشفة غير المسموع

التغريد : صوت المغني والحادي والطائر وكل صائت طرب

الجِرْس : صوت حركة الإنسان

التمطّق : صوت المتذوّق باللسان والغار الأعلى

الجعجعة : صوت الرَّحَى

الجفْجَفَة : صوت الثوب الجديد ، وصوت حفيف الموكب في المشي

الحَسِيْس : صوت النار

الجَلَبَة : اجتماع أصوات الناس والدواب

الخَرْخَرَة : صوت الهرّة في نومها

الجَلْجَلَة : صوت السبع ، والرعد ، وحركة الجلاجل ، والجَرَس

الخَرير : صوت المياه الجارية

الحشْرَجَة : صوت تردّد النَّفَس في الصدر عند خروج الروح

الخَفْق : صوت النعل

الخَنين : صوت المتألِّم يخرج ظاهراً وهو أعلى من الأنين

الدَّمْدَمَة : صوت الريح ، والرصاص

الزَّعْقَة : الصيحة الشديدة عند الفزع أو المصيبة

الرَّجْع : صوت الصدى

الزغردة : صوت الفرح

الزَّفْر : صوت الصدر

الزَّمْزَمَة : صوت الرعد ، لهب النار ، وصوت الأسد

السِّواس : صوت الحُلى

الشَّخير : صوت النائم الخارج من الحنجرة والأنف

الصِّيَاح : صوت كلّ شيء إذا اشتدّ

الصَّخَب : الصوت الشديد عند الخصومة أو المناظرة

الطَّنْطَنَة : صوت الأوتار

الصّراخ : الصوت الشديد عن الفزعة أو المصيبة

القصْف : صوت الرعد

الصَّريف : صوت الأسنان ، والسرير ، وناب الجمل

القَهْقَهَة : صوت الضاحك

الضَّوضاء : اجتماع أصوات الناس والدواب

الكَرْكَرَة : صوت المعدة عند الجوع

النبْض : صوت القلب

القَعْقَعَة : صوت السلاح ، والجلد اليابس ، والقرطاس

الهتاف : صوت دُعاء

الكَهْكَهَة : صوت تنفُّس الذي يشعر بالبَرْد

الهدير : صوت الموج

اللّغَط : أصوات مبهمة لا تُفهم

الوَغَى : صوت الجيش في الحرب

النّقْر : صوت العود

الوَقْوَقَة : صوت الكلب إذا خاف . الهَرير : صوت الكلب إذا أنكر شيئاً أو كَرِهَهُ

الهزيم : صوت الرعد كأنَّه يتكسَّر

الوَلْوَلَة : صوت المرأة التي تصيح : واويلاه

الوَقْع : صوت الخطى

الحِضْب والحُضْب : صوت القوس

الجُشْأَة : صوت هبوب الريح عند الفجر

التذمّر : إخراج النَّفَس بأنين عند عدم الرضى ، أو عند عمل أو شِدّة

الحفيف : صوت حركة أوراق الشجر والأغصان وجناح الطير والحية إذا تحرش بعضها ببعض

الحمْحَمَة : صوت الفرس أو الحصان إذا طلب العلف أو استأنس إلى صاحبه

الحنين : صوت المكروب يخرج خافياً ، وصوت الناقة تطرب لولدها ، وصوت القوس

الخَشْخَشَة : صوت حركة القرطاس ، والثوب الجديد ، والدرع ، والأوراق اليابسة

الرَّنين : صوت الثكلى ، والقوس ، والفولاذ ، والمريض إذا كان خفيفاً

الزَّفير : صوت النار ، والحمار ، والمَهْموم ، وصوت إخراج النَّفَس بأنين

الصَّرير : صوت الأسنان ، والقلم ، والسرير ، والطست ، والباب ، والنعل ، والفأر

الصَّلْصَلَة والصَّليل : صوت الحديد ، واللجام ، والسيف ، والدراهم ، والمسامير

الهَمْس : صوت الكلام الخافت ، وحركة الإنسان ، وأخفاف الجِمال

السبت، 15 أغسطس 2015

الغرب ومقدمة ابن خلدون

كثير من الكتاب الغربيين وصفو تقديم ابن خلدون للتاريخ بأنه أول تقديم لا ديني للتأريخ، وهو له تقدير كبير عندهم. ربما تكون ترجمة حياة ابن خلدون من أكثر ترجمات شخصيات التاريخ الإسلامي توثيقا بسبب المؤلف الذي وضعه ابن خلدون ليؤرخ لحياته وتجاربه ودعاه التعريف بابن خلدون ورحلته شرقا وغربا، تحدث ابن خلدون في هذا الكتاب عن الكثير من تفاصيل حياته المهنية في مجال السياسة والتأليف والرحلات، ولكنه لم يضمنها كثيرا تفاصيل حياته الشخصية والعائلية.

كان شمال أفريقيا أيام ابن خلدون بعد سقوط دولة الموحدين تحكمه ثلاث أسر: المغرب كان تحت سيطرة المرينيين (1196 - 1464)، غرب الجزائر كان تحت سيطرة آل عبد الودود (1236 - 1556)، تونس وشرق الجزائر وبرقة تحت سيطرة الحفصيين (1228 - 1574).

التصارع بين هذه الدول الثلاثة كان على أشده للسيطرة ما أمكن من المغرب الكبير ولكن تميزت فترة الحفصيين بإشعاع ثقافي باهر. وكان المشرق العربي في أحلك الظروف آنذاك يمزقه التتار والتدهور.

المقدمة هو كتاب ألفه ابن خلدون سنة 1377م كمقدمة لمؤلفه الضخم الموسوم كتاب العبر. وقد اعتبرت المقدمة لاحقاً مؤلفاً منفصلا ذا طابع موسوعي إذ يتناول فيه جميع ميادين المعرفة من الشريعة والتاريخ والجغرافيا والاقتصاد والعمران والاجتماع والسياسة والطب. وقد تناول فيه أحوال البشر واختلافات طبائعهم والبيئة وأثرها في الإنسان. كما تناول بالدراسة تطور الأمم والشعوب ونشوء الدولة وأسباب انهيارها مركزاً في تفسير ذلك على مفهوم العصبية.

بهذا الكتاب سبق ابن خلدون غيره من المفكرين إلى العديد من الآراء والأفكار، حتى اعتبر مؤسسا لعلم الاجتماع، سابقاً بذلك الفيلسوف الفرنسي أوغست كونت.

ابن خلدون

ابن خلدون

عبد الرحمن بن محمد، ابن خلدون أبو زيد، ولي الدين الحضرمي الإشبيلي (1332 - 1406م) مؤرخ من شمال أفريقيا، تونسي المولد أندلسي الأصل، كما عاش بعد تخرجه من جامعة الزيتونة في مختلف مدن شمال أفريقيا، حيث رحل إلى بسكرة وغرناطة وبجاية وتلمسان، كما تَوَجَّهَ إلى مصر، حيث أكرمه سلطانها الظاهر برقوق، ووَلِيَ فيها قضاء المالكية، وظلَّ بها ما يناهز ربع قرن (784-808هـ)، حيث تُوُفِّيَ عام 1406 عن عمر بلغ ستة وسبعين عامًا ودُفِنَ قرب باب النصر بشمال القاهرة تاركا تراثا ما زال تأثيره ممتدا حتى اليوم.

ويعتبر ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع الحديث وأب للتاريخ واﻻقتصاد. .

يعتبر ابن خلدون أحد العلماء الذين تفخر بهم الحضارة الإسلامية، فهو مؤسس علم الاجتماع وأول من وضعه على أسسه الحديثة، وقد توصل إلى نظريات باهرة في هذا العلم حول قوانين العمران ونظرية العصبية، وبناء الدولة وأطوار عمارها وسقوطها. وقد سبقت آراؤه ونظرياته ما توصل إليه لاحقا بعدة قرون عدد من مشاهير العلماء #كالعالم _الفرنسي# أوجست_ كونت.

عدد المؤرخون لابن خلدون عددا من المصنفات في التاريخ والحساب والمنطق غير أن من أشهر كتبه كتاب بعنوان: العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، وهو يقع في سبعة مجلدات وأولها المقدمة وهي المشهورة أيضا بمقدمة ابن خلدون، وتشغل من هذا الكتاب ثلثه، وهي عبارة عن مدخل موسع لهذا الكتاب وفيها يتحدث ابن خلدون ويؤصل لآرائه في الجغرافيا والعمران والفلك وأحوال البشر وطبائعهم والمؤثرات التي تميز بعضهم عن الآخر.

امتاز ابن خلدون بسعة اطلاعه على ما كتبه القدامى على أحوال البشر وقدرته على استعراض الآراء ونقدها، ودقة الملاحظة مع حرية في التفكير وإنصاف أصحاب الآراء المخالفة لرأيه. وقد كان لخبرته في الحياة السياسية والإدارية وفي القضاء، إلى جانب أسفاره الكثيرة من موطنه الأصيل تونس وبقية بلاد شمال أفريقيا إلى بلدان أخرى مثل مصر والحجاز والشام، أثر بالغ في موضوعية وعلمية كتاباته عن التاريخ وملاحظاته.

بسبب فكر ابن خلدون الدبلوماسي الحكيم، أرسل أكثر من مرة لحل نزاعات دولية، فقد عينه السلطان محمد بن الأحمر سفيرا إلى أمير قشتالة لعقد الصلح....وبعد ذلك بأعوام، استعان أهل دمشق به لطلب الأمان من الحاكم المغولي تيمور لنك، والتقوا بالفعل.

الحطيئة

الحُطيئة

هو جَرْوَل بن أوس بن مالك, ولُقِّب بالحُطيئة لقِصرِه وقُربِه من الأرض, هو شاعرٌ مُخَضرَمٌ أدركَ الجاهليّة والإسلام, من فحولِ الشعراءِ وفُصحائِهم, متصرّفٌ في جميعِ فنونِ الشعرِ, وإنْ كان قد اشتُهِرَ بالهجاء, إذ كان ذا شرٍّ وسفهٍ.

كانَ مغمورَ النسبِ, ومن أولادِ الزنى الذين شرُفوا, فشبّ محروما مظلوما، ولعل هذا هو السبب في أنه اشتد في هجاء الناس، ولم يكن يسلم أحد من لسانه فقد هجا أمّه وأباه حتى إنّه هجا نفسه.

حبسه عمر بن الخطاب رضي الله عنه بسبب هجاءه للزبرقان بن بدر ! فجعل الحطيئة يستعطفه ويرسل إليه الأبيات، ومما قال :

ماذا تقول لأفراخٍ بذي مرخٍ = زغبُ الحواصلِ لا ماءٌ ولا شجرُ

فلم يلتفت إليه عمر، حتى أرسل إليه الحطيئة:

ألقيت كاسبَهم في قعر مُظلمة = فاغفر عليك سلام الله يا عمر
فامنن على صبيةٍ بالرَّمْلِ مسكنُهم = بين الأباطح يغشاهم بها القدرُ
نفسي فداؤك كم بيني وبينَهُمُ = من عَرْضِ واديةٍ يعمى بها الخبرُ

قال عمر : فإياك والمقذع من القول فقال الحطيئة: وما المقذع؟ قال عمر: أن تخاير بين الناس فتقول فلان خير من فلان وآل فلان خير من آل فلان؛ قال الحطيئة: فأنت والله أهجى مني.
ثم قال له عمر : والله لولا أن تكون سُنّة لقطعت لسانك . فاشترى عمر منه أعراض المسلمين بثلاثة آلاف درهم، وأخذ عليه عهداً ألا يهجو أحداً ولكن يقال أنه رجع للهجاء بعد استشهاد عمر بن الخطاب .

وقال عن أمه :

تنحي فاقعدي مني بعيداً = أراح الله منك العالمينا
ألم أوضح لك البغضاءَ مني = ولكن لاأخالُكِ تعقلينا
أغربالاً إذا استودعت سراً = وكانوناً على المتحدثينا
جزاك الله شراً من عجوز = ولقاك العقوق من البنينا
حياتكِ ماعلمت حياةُ سوء = وموتُكِ قد يـسرُّالصالحينا

وقال عن أبيه :

فنعم الشيخ أنت لدى المخازي = وبئس الشيخ أنت لدى المعالي
جمعت اللؤم لا حياك ربي = وأبواب السفاهة والضلال

وقال يهجوا نفسه:

أبت شفتاي اليوم إلا تلكماً = بهجو فما أدري لمن أنا قائله

فرأى وجهه في الماء فقال:

أرى اليوم لي وجهاً قبح الله خلقه = فقبح من وجه وقبح حامله

اعتبره النقاد رائد الشعر القصصي العربي ومن ذلك قصيدته قصة الكرم .

أوصى قبل أن يموت فقال : احملوني على بغل واتركوني راكبها حتى أموت

فإن الكريم لا يموت على فراشه .

فحمل على بغل وجعل يذهب به ويجيئ حتى مات وكان آخر ما قاله قبل أن يلفظ أنفاسه :

لا أحد ألأم من حطيئـة
هجا بنيه وهجا المريـة
من لؤمه مات على فرية

سيف بن ذي يزن

سيف بن ذي يزن

ملك يمني حِمْيَرِي عاش في الفترة بين 516 – 574، اشتهر بطرد الأحباش من اليمن، وتولى الملك فيها.

تناولت سيرته القصص الشعبية العربية. وتحدثت عنه في إطار بطولي، واحتفلت المخيلة الشعبية به، لما كان له من شأن عظيم في التاريخ القومي العربي، إذ يعود إليه الفضل في طرد الأحباش من بلاد العرب، بعد أن ظلوا غالبين عليه منذ عهد ذي نواس.

تربى سيف مع أمه التي سباها أبرهة الحبشي وهو يحسب أنه أبوه فسبه ذات مرة ولد لأبرهة وسب أباه فسأل أمه عن أبيه فأعلمته خبره بعد مراجعة بينهما فأقام حتى مات أبرهة ثم سار إلى الروم فلم يجد عند ملكهم ما يحب لموافقته الحبشة في الدين فعاد إلى كسرى فاعترضه يومًا وقد ركب فقال له‏:‏ إن لي عندك ميراثًا فدعا به كسرى لما نزل فقال له‏:‏ من أنت وما ميراثك قال‏:‏ أنا ابن الشيخ اليماني الذي وعدته النصرة فمات ببابك فتلك العدة حق لي وميراث‏.‏ ( وكان ذي يزن قد استجار بكسرى فلم يجره ).

فرق كسرى له وقال له‏:‏ بعدت بلادك عنا وقل خيرها والمسلك إليها وعرٌ ولست أغرر بجيشي‏.‏ وأمر له بمال فخرج وجعل ينثر الدراهم فانتهبها الناس فسمع كسرى فسأله ما حمله على ذلك فقال‏:‏ لم آتك للمال وإنما جئتك للرجال ولتمنعني من الذل والهوان وإن جبال بلادنا ذهب وفضة‏.‏ فقال له كسرى :‏ ما عندك قال ‏:‏ ما شئت من رجل عربي وسيف عربي ثم اجعل رجلي مع رجلك حتى نموت جميعًا أو نظفر جميعًا‏.‏ قال‏:‏ أنصفت‏.‏ فجمع إليه سيف من استطاع من قومه.

فلما آلت الحرب لكفة اليمنيين أقام سيف على اليمن ملكًا يقتل الحبشة ويبقر بطون الحبال عن الحمل ولم يترك منهم إلا القليل جعلهم خولًا فاتخذ منهم جمازين يسعون بين يديه بالحراب فمكث غير كثير ثم إنه خرج يومًا والحبشة يسعون بين يديه بحرابهم فضربوه بالحراب حتى قتلوه فكان ملكه خمس عشرة سنة.

ووثب بهم رجل من الحبشة فقتل باليمن وأفسد فلما بلغ ذاك كسرى بعث إليهم ( وهرز) في أربعة آلاف فارس وأمره أن لا يترك باليمن أسود ولا ولد عربية من أسود إلا قتله صغيرًا أو كبيرًا ولا يدع رجلًا جعدًا قططًا قد شرك فيه السودان إلا قتله وأقبل حتى دخل اليمن ففعل ما أمره وكتب إلى كسرى يخبره فأقره على ملك اليمن فكان يجيبها لكسرى حتى هلك وأمر بعده كسرى ابنه المرزبان بن وهرز حتى هلك ثم أمر بعده كسرى التينجان بن المرزبان ثم أمر بعده خسرة بن التينجان بن المرزبان‏.‏

فلم يزالوا بها حتى بعث الله نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم‏.‏